فيأكتوبرمنعام2020،أعلنت”الأكاديميةالملكيةالسويديةللعلوم”فوزكلٍّمنالعالِمتينالفرنسيةإيمانويلشاربنتييه،والأمريكيةجينيفردودنا،بجائزةنوبلفيالكيمياء؛لجهودهمافياكتشافتقنية”كريسب——كراس9”للتعديلالجينيوتطويرها。

وتتيح تقنية”كريسب——كراس9“إجراءتعديلاتدقيقةعلىالجينوم،ماساعدعلىانتشارهابشكلكبيرفيمعاملالأبحاثبجميعأنحاءالعالم؛إذمثلتأملًاللباحثينفياستخدامهالتعديلالجيناتالبشريةلفهمطبيعةالأمراضوبالتاليالقضاءعليها،نظرًالتمتُّعهابتطبيقاتلاحصرلها。

ومنالأمراضالتيقدتؤديفيهاتقنية”كريسب——كراس9”دورًافارقًا،يطلالسرطانبرأسهكبطلشريرللعديدمنالأبحاثوالدراساتالجارية؛إذيمكناستخدامتلكالتقنيةالواعدةفيتعديلالجيناتالمسببةللمرض،وإيقافعملالجيناتالفيروسيةالتيتساعدعلىنموالخلاياالسرطانيةوتطورها،فضلًاعندورهذهالتقنيةفيتطبيقاتالعلاجالمناعيللسرطان。

سرطان الثدي الثلاثي السلبي

في هذا السياق، نشرت دورية“سيل”(细胞)مؤخرًادراسةتناولتاستخدام”كريسب——كراس9”فيتطبيقاتالعلاجالمناعيللسرطان。

فعلىالرغممنأنالعلاجالمناعيأصبحيمثلأحدالخياراتالعلاجيةالواعدةللسرطان،إلاأناستخدامهمازالمحدودًافيبعضالأورام،ومنهاسرطانالثديالمعروفبـ”سرطان الثدي الثلاثي السلبي”(TNPC)。

ويتسم”سرطانالثديالثلاثيالسلبي”——الذييمثلمابين10إلمى15%نجميعسرطاناتالثدي——بعدموجودأيٍّمنمستقبلاتالهرموناتالثلاثةالمعروفةعلىسطحخلاياالسرطان(الإستروجين،والبروجيستيرون،و”بروتينهير2”)،وبالتاليلايستجيبللعلاجاتالهرمونيةالمعروفةأوتلكالتيتستهدف”بروتينهير2”(她2)الذييعملكمستقبليساعدفيإرسالالإشاراتإلىالخلاياالسرطانية،ممايؤديإلىتكاثرها،خاصةًأنهيرتبطبضعفتشخيصحالاتالإصابةبسرطانالثدي。

كماأنهذاالنوعمنالسرطانلايستجيبأيضًالأنواعالعلاجالمناعيالتيتعتمدعلىاستخداممثبطات”نقاط التفتيش المناعية”“عنطريقإيقاظالخلاياالتائيةلمهاجمةالورمالخبيث”،ويقيمالجسمعدةنقاطتفتيشمناعيةلكييميزبينخلاياالجسموالأجسامالغريبةوحتىلايهاجمالجسمنفسه،لكنبعضخلاياالسرطانتستغلهذهالنقاطبدناءةشديدة؛إذتنتجبروتيناتتستغلنقاطالتفتيشلتخدعجهازالمناعةوتثبطعملهاحتىلاتقومبمهاجمتها،وبالتاليتسمحلهذهالخلايابالتكاثر。

العلاجاتالمناعية

منهناتأتيأهميةالدراسةالجديدةالتيأجراهاباحثونمنجامعة”هارفارد”الأمريكية،واستخدموافيهاتقنية”كريسب——كراس9”لإزالةالجيناتالتييُشتبهفيأنهاتمنعالاستجابةللعلاجاتالمناعيةفيخلاياهذاالورمفيالفئران。

وجدالباحثونأنإزالةالجينالمعروفباسم”كوب1”(COP1)تحسِّنمنالمناعةالمضادةللأوراموتزيداستجابةخلاياالورمللأدويةالمثبطةلـ”نقاطالتفتيشالمناعية”،وتمالتعرفعلىجين(Cop1)أولًافيالنباتات،حيثيقومبتثبيطالإشاراتالضوئيةعنطريقاستهدافالمستقبلاتالضوئيةوتكسيرها،وبعدهاتمالتعرفعلىوجودهأيضًافيالكائناتالأخرى،ومعرفةوظيفتهوارتباطهبحدوثالأورامفيالثدييات。

أجرىالباحثونبعدهادراساتعميقةعلىمستوىالجينوموالبروتيوم(وهمامجموعالجيناتوالبروتيناتفيالخلايا)منأجلالتعرفعلىآليةعملهذاالجين،فوجدواأنهيعملمنخلالتكسيربروتين”سيإيبيبيدلتا”(C / EBPδ)،وهوبروتينيؤديدورًافيتنظيمعمليةالمناعةوحدوثالالتهابات。

تحسينالمناعة

تشيرالدراسةإلىأنإزالة”جينكوب1”تؤديإلىثباتمستوىبروتين”سيإيبيبيدلتا”،وهومايقللمنمستوىالموادالكيميائيةالتيتجتذبالخلاياالبلعميةM2إلىالورم،ويساعدوجودهذاالنوعمنالخلايافيبيئةالورمعلىنموالأوعيةالدمويةداخلالورموبالتاليانتشاره。

وبعبارةأخرى،يعمل”كوب1”علىتحطيمبروتين”سيإيبيبيدلتا”،وبالتالييمنعجهازالمناعةمنتأديةدوره،ويساعدعلىزيادةالخلاياالتيتساعدعلىنموالورم،لذافإنإزالةهذاالجينتؤديإلىتقليلعددهذهالخلايافيبيئةالورم،وتحسينتعاملجهازالمناعةمعه،وزيادةاستجابتهللعلاجاتالمناعية。

يقولكولينتوكهايم،الباحثبقسمعلومالبياناتفيمعهددانا——فاربرللسرطانالتابعلجامعةهارفارد،والمشاركفيالدراسة:يُعدسرطانالثديالثلاثيالسلبيأحدأسوأأنواعسرطانالثدي،وأحدالخياراتالمتاحةلعلاجههوالعلاجالمناعيباستخدامالأدويةالمثبطةلنقاطالتفتيشالمناعية،والتيأثبتتفاعليتهافيزيادةمدةبقاءالمرضىعلىقيدالحياةفيأورامالقولونوالمستقيموالرئةمنخلالتعديلالاستجابةالمناعية。

يضيف”توكهايم”فيتصريحاتلـ”للعلم”:علىالرغممناستخدامبعضالأدويةالمناعيةلعلاجسرطانالثديالثلاثيالسلبمي——ثلدواء”بالبوسايكليب“Palbociclib)——إلاأناستجابةالمرضىلمثلهذهالأدويةمازالتمحدودة،وقديحسِّناكتشافنامنفاعليةعلاجهذاالنوعمنالأورام。

استهدافالجينات

يتابع”توكهايم”:جربنافيهذاالبحثاستخدامتقنية”كريسب——كراس9”لإزالةأكثرمن4500جينمنأجلمعرفةأدوارهافيالمناعةضدالأوراموالاستجابةللعلاجاتالمناعية،وهذاالعددالكبيرمنالجيناتمكننامنالتعرفعلىأكثرهذهالجيناتأهميةًفيهذاالنوعمنالأورام،ومنخلالهذهالدراسةتعرفناعلىجين”كوب1”باعتبارهأكثرجينمؤثروقابلللاستهداف،وأدتإزالةهذاالجينإلىتقليلأعدادالخلاياالبلعميةM2المثبطةللمناعةداخلبيئةالورم،هذاالتأثيرتممنخلالتقليلالتعبيرالجينيللموادالكيميائيةالتيتجذبهذهالخلاياإلىمنطقةالورم،ومنالمعروفأنهذاالجينيؤديإلىتكسيربعضأنواعالموادالكيميائيةالمسؤولةعنتعديلالتعبيرالجينيعنالجيناتالمختلفة،لكنلميكنمعروفًاأيهذهالمواد——بالتحديد——يتأثربنشاطهذاالجين。

ويضيف:فيالخطوةالتاليةتساءلناحولالآليةالتييعملبهاهذاالجين،وعملناعلىدراسةمتعمقةللجيناتوالبروتيناتواستخدمناآلياتالتعلمالآليباعتبارهأحدأبرزأشكالالذكاءالاصطناعي،وجمعناأجزاءاللغزمعًا،وتوصلنافيالنهايةإلىأنجين”كوب1”يعملعلىتكسيربروتين”إيبيبيدلتا”،وأنغيابجين”كوب1”أدىإلىعدمتكسيرهذاالبروتينوأدائهلدورهفيتقليلعددالخلاياالبلعمية،وهومامثَّلتفسيرًاللاستجابةالتيلاحظناهاللعلاجالمناعي،وهذهالنتائجقدتكونبدايةًلاستهدافجين”كوب1”فيالعلاجاتالمناعية،كماتشيرإلىأهميةاستخدامتقنية”كريسب——كراس9”للتعرفعلىأهدافالعلاجالمناعيفيأنواعالسرطانالمختلفة。

تقنيةواعدة

تقولهالةجبر،أستاذالباثولوجياالإكلينيكيةوأمراضالدمبكليةالطببجامعةالقاهرة:تهدفتقنية”كريسب——كراس9”إلىتعديلالجينومالخاصبالكائناتالحية،وقدتُستخدملإزالةجزءمنالمادةالجينية،أوإضافةجزء،أوتغييرموقعجزءمعينمنالجينوم،ولفتتتقنية”كريسب——كراس9”الواعدةكثيرًامنالاهتمامخلالالسنواتالأخيرة،نظرًالدقتهاوسرعتهاوقلةالتكلفةالخاصةبهابالمقارنةبالتقنياتالأخرى،تضيف”جبر”فيتصريحاتلـ”للعلم”:منخلالهذهالتقنية،يقومالباحثونبصنعقطعةصغيرةمنالحمضالنوويالريبوزيترتبطبجزءمعينمنالحمضالنوويالمرادتعديله،وبعدهايعملالبروتينالمرتبطبـ”كريسبر9”كمقصلقطعالحمضالنوويفيهذاالمكانوإزالتهأوتعديله،والبحثالحالياستخدمهذهالتقنيةعلىنطاقواسعللتعرفعلىالجيناتالتيتؤديدورًافيمقاومةسرطانالثديالثلاثيالسلبيللعلاجالمناعي،ولأنالباحثينكانوايقومونبمسحالجينومبالكاملللتعرفعلىهذهالجينات،لميقوموابتعديلالجينومأويضيفواإليه،بلاكتفوافقطبإزالةالجيناتللتعرف على وظيفتها والمقارنة بين وجودها وغيابها。

يعلق”توكهايم”:معظمالعلاجاتالمناعيةالمتاحةحاليًّاتستهدفتعزيزالمناعةوتدعيمهامنخلالزيادةقدرةالخلاياالتائيةعلىالتعرفعلىخلاياالأوراموقتلها،لكنأورامالثديتتسمبقلةالخلاياالتائيةداخلبيئةالورم،وهومادعاالباحثينلدراسةهذهالظاهرةومحاولةعكسها،وقدتساعدنتائجناعلىتحقيقهذاالهدفمنخلالتقليلالخلاياالبلعميةالمثبطةللمناعةالتائية。

سرطانعنيف

يقولمحمدالعرابمي——درسطبالأورامفيكليةالطببجامعةعينشمس——فيتصريحاتلـ”للعلم”:عادةًمايصيبسرطانالثديالثلاثيالسلبيالنساءدونسنالأربعين،وهوللأسفنوععنيفمنالسرطانينموسريعًا،وعادةًمايكونمنتشرًافيوقتتشخيصالمرض،كماأنهلايوجدعلاجموجهيمكناستخدامهضده،فضلًاعنأناحتمالاتعودةالمرضبعدالعلاجفيهذاالنوعمنالسرطانتكونأعلىمنمثيلاتهافيالأنواعالأخرى。

يضيفالعرابي:كنانعتقدأنهذاالنوعمنالأورامقديستجيبللعلاجاتالمناعيةبشكلكبير،خاصةًأنخلاياهتحتويعلىمستوىعالٍمنالمستقبلاتالتييتماستهدافهافيهذاالنوعمنالعلاجات،كماأنهاتحتويعلىعددكبيرمنالطفراتالتييمكنلجهازالمناعةالتعرفعليهاوبالتاليمهاجمتها،وهومايمكنتقويتهباستخدامالعلاجاتالمناعية،وهناكبالفعلبعضالأدويةالمناعيةالتيجرتالموافقةعليهالعلاجهذاالنوعمنالسرطان،خاصةًمننوعيةمثبطاتنقاطالتقتيشالمناعية،لكنالاستجابةللأسفمازالتمحدودة،والكثيرمنالمرضىتتولَّدلديهممقاومةلهذاالنوعمنالعلاج،وهوالأمرالذينحتاجإلىفهمأسبابه。

تقولجبر:تماستخدامتقنية”كريسب——كراس9”فيالعديدمنالأمراض،منهاالأمراضالتييتسببفيهاجينواحدمعروفمثلالتليفالكيسي،والهيموفيليا،وأنيمياالبحرالمتوسطوالخلاياالمنجلية،فيالمقابلتبدوالتقنيةواعدةًأيضًافياكتشافأسبابالأمراضالمعقدةأومتعددةالأسبابمثلالسرطانوأمراضالقلبوعلاجها،وهذاالبحثيمثلنموذجًالاستخدامهذهالتقنيةفيهذاالنوعمنالأمراض。

وسبقللعديدمنالأبحاثأناستخدمتتقنية”كريسب——كراس9”للأهدافنفسهافيعلاجالسرطان؛إذاعتمدتدراسة“بنشرتهاروسيدنجزأوفذاناشيونالأكاديميأوفساينسز”(PNAS)”2017年عامعلىإجراءمسحواسعالنطاقباستخدمتلكالتقنيةللتعرفعلىالعواملالتيتؤثرعلىعمليةالربطالبديلللحمضالنوويالريبوزي،ونظرًالمحدوديةعددالجيناتداخلالجسموالاحتياجإلىعددكبيرمنالبروتيناتلأداءالعديدمنالوظائف،تستخدمالخليةهذهالعمليةحتىيستطيعجينواحدإنتاجالعديدمنالنسخوالبروتيناتالمختلفة،لكنهذهالعمليةترتبطأيضًابحدوثالسرطان،وهوماعملالباحثونعلىدراسته،ووجدواأنأحدالعواملالتيتؤثرعلىهذهالعملية——يُعرفاختصارًابـ(HNRNPL)——يعملعلىنموخلاياسرطانالبروستاتامنخلالتنظيمعمليةالربطالبديلللحمضالنوويالريبوزي،وتبينمنخلالالدراسةأيضًاأنالتعبيرالجينيعنHNRNPLيزدادبشدةمعنموخلاياهذاالنوعمنالسرطانوتطورها،وهومايمكنأنيدعماستخدامهفيتطبيقاتعلاجيةلهذاالورم。

فوائدتطبيقية

يعلقتوكهايمقائلًا:يمكنلنتائجناأنتكونذاتفائدةتطبيقيةكبيرةفيعلاجسرطانالثديالثلاثيالسلبيمنخلالاستهدافجين”كوب1”،وهوماسيحسِّنمنالمناعةضدالورموالاستجابةللعلاج،وعلىالرغممنأنهلاتوجدحاليًّاأدويةتستهدفهذاالجين،إلاأنهناكمايستهدفجيناتأوبروتيناتمماثلةويثبطها،ونتوقعإنتاجأدويةتستهدفجين”كوب1”فيالقريبالعاجلمنأجلتحسيناستخدامالعلاجالمناعيفيسرطانالثديالثلاثيالسلبي。

يعقبالعرابي:لاأريدأنأبدومتشائمًا،لكنكثيرًامنهذهالدراساتلايشقطريقهإلىمرحلةالتطبيقالإكلينيكي،وأتمنىأنتكونهذهالدراسةاستثناءً،وأنتتحولالنتائجإلىأهدافعلاجيةتسهمبالفعلفيتحسينخياراتالعلاجلهؤلاءالمرضىالبائسين。